
صباح الأول من مايو، حين يخرج عمال العالم للاحتفال بكرامتهم التي صانتها القوانين يقف العامل الفلسطينى على حافة الجدار، لا يحمل لافتة احتفالية بل تصريحا باهتا للعمل أو قائمة طويلة من أحلام مؤجلة في يومهم العالمي، لا وقت للورود ولا مكان للزينة، فهناك من يدفنون زملاءهم شهداء لقمة العيش، وهناك من يلاحقهم الجوع، أو يطاردهم الجنود، أو يخطفهم الاعتقال من مواقع العمل إلى غياهب السجون.
عيد العمال في فلسطين ليس يوما للراحة، بل شهادة جديدة على ظلم مضاعف، وكرامة مجروحة، ومئات آلاف الأيدي الممدودة لفرصة لا تأتي، وفى تقرير رسمى تقدم الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، لجماهير الطبقة العاملة الفلسطينية برسالة دعم وصمود في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي ما زال يعاني منها عشرات الالاف من العمال الفلسطينيين المحرومين من رواتبهم منذ 17 شهرا، على مرئا العالم أجمع، في ظل ارتفاع أعداد شهداء لقمة العيش وارتفاع نسبة البطالة بشكل جنوني إلى ما يزيد عن (56)% في المجتمع الفلسطيني أي 507 عاطل عن العمل فى فلسطين.
وأضاف الاتحاد العام،: آلاف العمال جرى اعتقالهم وتعرضوا للتنكيل والتعذيب والتغييب القسري، دفعوا حياتهم بذنب بحثهم عن لقمة العيش، وبخاصة بعد حرب السابع من أكتوبر عام 2023 التي ازدادت بها معاناة العمال الفلسطينيين، التي تسببت بفقدانهم مصدر عملهم ورزقهم في الداخل، واضطرار أعداد كبيرة منهم الإعلان عن بيع بعض مقتنياتهم، للحصول على عائد مادي، كل بلدان العالم ينعمون بالحماية الإجتماعية والتأمينات الاجتماعية، بما فيها الضمان الاجتماعي، إلا في فلسطين فإن 89% من عمال فلسطين لا يوجد لهم حماية اجتماعية وصناديق تقاعد، مؤكدا أن البطالة والفقر والجوع عنوان الأول من أيار فالخسائر للعمال الشهرية تقدر بمليار و 350 مليون شيكل .
وأشار الاتحاد، إلى أن عدد شهداء لقمة العيش الفلسطينيين بلغ (18) شهيد منذ بداية عام 2025 وحتى الأول من مايو يوم العمال العالمي منهم (3) تسبب الاحتلال باستشهادهم خلال توجههم أو عودتهم من أماكن عملهم عند الجدار الفاصل، والعامل رأفت حماد خلال سقوطه من الطابق الخامس بمدينة القدس بعد اقتحام قوات الاحتلال للورشة التي يعمل بها، بينما ارتقى اثنين آخرين بالداخل المحتل إثر حوادث عمل، وبالضفة الغربية منذ بداية عام 2025 ارتقى 6 شهداء لقمة عيش من بينهم اثنين من الأطفال، ويضاف إلى حالات الوفاة (4) عمال أجانب ارتقوا بحوادث عمل بالداخل المحتل.
وفي العام الفائت بلغ عدد شهداء لقمة العيش 56، بينهم 25 شهيد لقمة عيش في سوق العمل الفلسطيني في الضفة الغربية، و14 استُشهدوا داخل أراضي عام 48، و2 من غزة في مراكز الإيواء في الضفة، وعامل خلال فترة اعتقاله، بينما بلغ عدد شهداء لقمة العيش الذين تسبب الاحتلال باستشهادهم منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر وحتى الأول من مايو 2025 خلال توجههم أو عودتهم من أماكن عملهم عند الجدار الفاصل، أو خلال اقتحام مواقع العمل التي يعملون بها، أو إثر التحقيق معهم في معتقلات الاحتلال، أو عمال من غزة توفوا بمراكز إيواء الضفة اثر نوبات قلبية جرّاء قهرهم على عائلاتهم بلغ 33 عاملا .
يضاف الى ذلك مجموع حالات الاعتقال للعمال من الضفة الغربية وقطاع غزة الذين يعملون في سوق العمل في الداخل سواء من تم اعتقالهم من أماكن عملهم، أو من مراكز الإيواء بالضفة الغربية، وسواء تم الإفراج عنهم أم لم يتم، 11 ألف عامل.
وأكد الاتحاد على أن منظمة العمل الدولية، والاتحادات والنقابات العالمية والدولية، ومؤسسات حقوق الإنسان يجب أن تضغط على حكومة الاحتلال للكف عن ملاحقة العمال بأماكن تواجدهم كافة داخل الأراضي المحتلة عام 1948 والضفة الغربية، والسماح للعمال بالعودة الآمنة إلى بيوتهم، والإفراج الفوري والعاجل عن العمال المعتقلين كافة من الضفة الغربية وغزة، والضغط على الحكومة الإسرائيلية لتعويض العمال الفلسطينيين الذين يعملون في سوق العمل الإسرائيلي، بسبب توقفهم عن العمل، إثر استمرار الحرب ل (17) شهراً بحيث أن الحكومة الإسرائيلية تتحمل مسؤولية ما نسبته 25% من الأيدي العاملة الفلسطينية.
ولفت إلى أنه لا يوجد قانون رادع لحكومة الإحتلال الإسرائيلي، إن كل القوانين، والدستور، وإعلان فيلادلفيا، ومبادئ العمل اللائق، واتفاقية جنيف الرابعة، وعدم احترام اتفاقية العمل الجبري والقسري ومنظمة العمل الدولية كل ذلك سقط كما سقط الأبرياء والأطفال بأيدي الجيش الإسرائيلي، وطالب منظمة العمل الدولية وكل الاتحادات الدولية والعالمية والعربية ومؤسسات حقوق الإنسان بضرورة العمل لوقف إطلاق النار بقطاع غزة ووقف العدوان بالضفة، والعمل على بناء اقتصاديات متنوعة متنافسة لتعزيز سياسات التشغيل في فلسطين والاستمرار بالتخطيط لاستيعاب العمال داخل سوق العمل ومحاربة السياسات العنصرية
وطالب الحكومة الفلسطينية ممثلة بالشريك الإستراتيجية وزارة العمل، وأصحاب العمل ممثلين باتحاد الغرف التجارية، لتنفيذ خطط استراتيجية تتطلب من أصحاب رؤوس الأموال الفلسطينية للإستثمار داخل الأراضي الفلسطينية بخطوة نحو تعزيز الاقتصاد وتقليل نسب البطالة والاعتماد على الاقتصاد المحلي والوطني كمنتج رئيسي دون الحاجة للإستيراد مما يعزز دور الصناعة والمنشئات الصناعية بزيادة دخلها وزيادة اعداد العمال لديها وتحسين بيئة العمل بما يتناسب مع الوضع الراهن، كما طالب وزارة الاقتصاد الفلسطينية إلى ضرورة ضبط ومراقبة أسعار المنتجات في الأسواق الفلسطينية لمنع الغلاء والحفاظ على قدرة شراء المواد الأساسية والمستهلكة بشكل دائم بأسعار تناسب الطبقة العاملة والموظفين.
ووجه الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، تحية للطبقة العاملة الفلسطينية وجماهيرالعمال على صمودهم الأبي، والتعازى لعائلات شهداء لقمة العيش الذين راحوا ضحية البحث عن لقمة العيش، داعيا الله أن يعيد الأول من أيار القادم وقد تحققت الحماية والعدالة الإجتماعية وتحررنا من ظلم وجبروت الإحتلال، وقد أقيمت دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.